يتجول بيننا بل معنا في كل لحظة, لا يفارقنا, نكرمه ونفضله على من حولنا رغم إيذائه لنا، لايكاد يخلو بيت منه بل لا يكاد يخلو جيب أحدنا منه.
إنه الهاتف النقال، نعم الهاتف النقال، ذلك الجهاز الذي سرق منا ما هو جميـــل، عالم افتراضي نعيشه ولا نراه،نجالسه ساعات طويلة،غير آبهين بما يفعله بنا وبأجسادنا؛ من بث إشعاعات وموجات تضر بخلايا جسمنا.
لقد تنامت هذه الظاهرة في مجتمعنا، وأضرت بحالتنا الاجتماعية والنفسية، فأصبحت الشغل الشاغل لمجتمعنا عامة، و لشبابنا خاصة، تجده منهمكاً في مجالسته، ملازماً له، فلا فائدة جلبت، ولا عائقة دفعت؛ إلا من رحم ربي.
كم من حياة أزهقت بسببه ! كم سرق منا من نحب ! كم من طاعة ضيعنا ! رغم كل ما يفعله بنا، ها نحن ندفع له الأموال، ونعتني به، ونزينه ونزخرفه, أصبحنا تابعين، له فلا نستطيع الاستغناء عنه.
أصبح هو من يدير مواعيدنا، وهو من يذكرنا, من يتحكم بمزاجنا، من يسلينا ويضحكنا.
جلساتنا ساكنة، أصبحنا الحاضرين الغائبين، نتجول في عالم افتراضي؛ فرض نفسه علينا، اختلط فيه الحسن بالقبيح، والحق بالباطل،كم من عرض هتكنا ! كم من عيب كشفنا ! كم من كذبة نشرنا ! كم من سر فضحنا ! أين نحن من قول ربنا :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [سورة الحجرات آية 6].
مهلا أخي !استيقظ قبل أن تقع الفأس بالرأس فلا ينفع الندم.
لقد خلقنا الله أحراراً، فلا نجعل لخردة أن تعبث بنا، بل يجب أن نسخرها لخدمة ديننا ووطننا ومجتمعنا، وأن لا ننشر الشائعات والأكاذيب، وأن نحفظ ألسنتنا عن الخوض في أعراض المسلمين، فهي نعمة من الله يجب علينا أن نشكره عليها، وان نستعملها في الخير وللخير.