إن الموارد الطبيعية التي وهبها الله للإنسان منذ الأزل بأبسط صورها، وعظمة خلقها، وإعجاز تركيبها؛ أبهرت الإنسان أزمانًا بعد أزمان، وهو يكتشف فيها طرائق عديدة ومعقدة؛ لتحقيق أقصى الفوائد منها، ومن هنا ظهر مفهوم الطاقة المتجددة التي تنحدر منها أهم طاقة فيها، وهي الطاقة الشمسية التي كانتأكثر استخداماتها كفاءةً وموائمةً للبيئة هي توليد الكهرباء.
إن توليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الشمسية أسلوب تتسابق عليه الدول والمنظمات؛ لتوفير استغلال أمثل لمورد متجدد اقتصاديًّا، وبديل يحد من التلوث بيئيًّا.
من هنا وقفت المملكة العربية السعودية في مصاف الدول للاستفادة من هذه الطاقة بوصفها من أكثر الدول تعرضًا لأشعة الشمس أولًا، ولاعتمادها بشكل رئيس على النفط لتوليد الكهرباء ثانيًا؛ مما يتسبب في استهلاك ما يقارب 10% من إنتاجها من النفطبحرق حوالي 2.5 مليون برميل في اليوم من النفط المكافئ (حوالي 1.6 مليون برميل نفط مكافئ غاز و 0.8 مليون برميل في اليوم خام وزيت وقود وديزل)إضافة إلى ما تعانيه بيئة المملكة من التعرض لانبعاث الغازات الضارة والسامة؛جراء عمليات توليد الكهرباء نفطياً.
لمَّا كان ذلك ضرورة اقتصادية وبيئية؛ انطلقت استراتيجية المملكة العربية السعودية لاستغلال الطاقة الشمسية على مدار العشرين سنة القادمة، ببناء محطات خاصة بالطاقة الشمسية تعمل على توليد ما يقارب 41 جيجاوات من الكهرباء خلال العشرين عاماً القادمة، وبالتالي توفير ما نسبته 33% من الطلب المحلي على الكهرباء.
لا تتوقف خطة المملكة على إنتاج الطاقة الشمسية، والاكتفاء ذاتيًّا بها وحسب؛بل المنافسة على تصديرها عالميًّا،وذلك بعد أن انطلقت باكورة هذه الاستراتيجية على أرض الواقع بالعمل على إنشاء أول محطة طاقة شمسية مستقلة في المملكة العربية السعودية بسعة 50 ميجاوات في محافظة الأفلاج.
المشروع الذي أطلق عليه اسم (محطة ليلى للطاقة الشمسية) في مؤتمر توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء المحطة بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة تقنية للطاقةسيوفر أكثر من 4 ملايين برميل سواء من الديزل أو الغاز البترولي على مدى خمسة وعشرين عامًا القادمة، إضافة إلى الحد من انبعاث الغازات الضارة بما يعادل 1.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
الجدير بالذكر هو أن سعر الشراء طوال مدة المشروع بسعر غير مدعوم يبدأ من 18.75 هللة لكل كيلو وات/ ساعة يعتبر أقل سعر غير مدعوم في العالم، مما يعني أن محطة ليلى تعتبر أقل محطات الطاقة الشمسية في التكلفة الإنتاجيةعلى مستوى العالم.
يأتي اختيار محافظة الأفلاج لاحتضان أول مشاريع الطاقة الشمسية لكفاءة طبيعتها الجغرافية والمناخية، ومناسبتها من خلال توفر المساحات الواسعة فيها، وعلى ذلك ستكون المحافظة أول محافظة تستفيد بالكامل من توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية.
في الختام كلنا ثقة بأن تكون محطة ليلى للطاقة الشمسية انطلاقة موفقة لتحقيق تنمية تغذي الاقتصاد، وتبني الأجيال، وتحترم البيئة، وستكون النموذج الأول والأمثل محلياً وعالمياً لاستغلال الموارد الطبيعية المستدامة بشكل مناسب، ومثالاً يحتذى به ويقتدى للمساهمة في استغلال الموارد المستدامة الأخرى، من خلال تنمية مجتمعية اقتصادية وطنية صديقة للبيئة.